أسئلة الطفل أهميتها وحسن توظيفها

أسئلة الطفل أهميتها وحسن توظيفها
تاريخ النشر : 2024-06-24



تنمية مهارة التعامل مع أسئلة الطفل


تعد أسئلة الطفل من أهم مظاهر النمو اللغوي ، ولو أردنا أن نبدأ موضوعنا بفكرة موجزة عن النمو اللغوي فإن من أهم ما ينبغي الإشارة إليه في هذا الصدد هو أن النمو اللغوي يبدأ منذ العام الأول قبل أن يبدأ الطفل بالكلام ، وذلك من خلال ما توجه الأم من حديث للطفل لا يدركه ككلمات مفسرة ولكن كحوار نفسي وكأصوات تؤسس لمهارة الحوار وتشجع عليه، ويختزن عقله الصغير مفردات و تعبيرات تتضح مضامينها شيئا فشيئا كلما تقدم به السن ونمت قدرته على الفهم ومن المعروف أن الأطفال الذين يتعرضون لهذا النوع من الرعاية ينضجون لغويا وإدراكيا بشكل أسرع. ويمكن القوي بأن مواقف الأسئلة من المكن أن تحقق الأهداف التربوية التالية:

  • إثراء لغة الطفل بالمفردات الأمر الذي له أثر كبير على قدرته التعبيرية .

  • إكسابه مهارة الحوار وأسس المناقشة والحجة والمنطق.

  • تعزيز مهارات الاستماع والإنصات .

  • تدريب الطفل على آداب الكلام وحسن اختيار الألفاظ المناسبة .

  • تعزيز الثقة بالنفس من خلال الاهتمام بأسئلته وإشعاره بالقبول والحب.

  • الزيادة المعرفية واكتساب معلومات وحقائق مهمة .

  • تعزيز رغبة الابن في الاطلاع والاستكشاف وطلب العلم وتشويقه للمعرفة.

  • تقوية العلاقة الوالدية حيث يصبح أبويه محل ثقته، فيسألهما في خاصة شأنه، بينما يؤدي سوء التعامل مع اسئلة الطفل إلى أن يتحول الطفل بأسئلته إلى الآخرين، وقد ينطوي على نفسه ويصبح كتوما لا يعبر عن نفسه، أو احتياجاته المعرفية.

  • دعم النمو العقلي والقدرة على التفكير.


وتجدر الإشارة هنا إلى السبب في استخدام كلمة التعامل في العنوان بدلا من الإجابة عن أسئلة الطفل ، يرجع إلى أن القضية ليست مجرد سؤال يحتاج إلى إجابة بل مواقف تحتاج إلى تعامل واع ، يتضمن التمييز بين أنواع الأسئلة التي يسألها الطفل والدافع وراءها، وكيفية تحويل السؤال العابر إلى سؤال ذو قيمة وإلى نقطة انطلاق للاستكشاف والتعلم، وأنه من الأفضل في أغلب أنواع أسئلة الأطفال عدم الإجابة عنها بشكل مباشر.


أنواع الأسئلة التي يسألها الطفل :


تقع في الغالب ضمن الأصناف الخمسة التالية:


1. السؤال التعجبي: كيف يستطيع هذا الكتكوت أن يقفز من هذه الطاولة المرتفعة؟ الأم: إن وزنه خفيف، الابن: وإذا كان وزنه ثقيل، الأم: قلي أنت ماذا يمكن أن يحدث ؟

2. السؤال الفلسفي: لماذا يملك الكتكوت ثلاث أصابع في كل ساق، الأسئلة الفلسفية هي التي ليس لها جواب محدد ووظيفتها تنمية الحوار والمنطق ، ويمكن للاستجابة عليها أن يطلب من الطفل أن يفترض فيما يشبه العصف الذهني لو كان له أصبعين مثلا كيف سيكون الحال؟..." .

3. أسئلة طلب التعرف على المسميات والحقائق البسيطة ، هذا النوع من الأسئلة له إجابات بسيطة ومحددة قد نعرفها ونقدمها بطريقة بسيطة وقد تكون غير معروفة لنا وعندها يمكن أن نرد : قد سألتني كم يعيش الدجاج وأنا لا أعرف الجواب، يمكننا أن نشتري كتابا أو نبحث في الانترنت، وفي الحالات التي لا نعرف فيها الجواب فمن المهم الإجابة بلا اعلم ليعرف الطفل أن الاعتراف بعدم العلم ليس عيبا وأن المعرفة واسعة نعلم منها ما نعلمه ونجهل الكثير.

4. الأسئلة التي تتطلب إجابات معقدة: من أمثلتها أسئلة الطفل عن الدين أو الولادة أو نحوها، معظم أسئلة الأطفال يمكن إجابتها بمستويات مختلفة من التعقيد حسب عمر الطفل، ومن المهم مراعاة أن تكون الإجابة صحيحة وواضحة للطفل ومناسبة لمستوى تفكيره، فإعطاء الإجابة بطريقة تفوق فهمه يعطيه رسالة بأن حفظ المعلومات أسهل من فهمها، وإعطائه أجوبة غير صحيحة يزعزع ثقته ويشككه في مصداقية والدته ، وهذا ما يحصل من كثير من الأمهات بالنسبة للسؤال عن الولادة. فالإجابة يمكن أن تكون ناقصة ولكن لا ينبغي أبدا أن تكون غير صحيحة.

5. الأسئلة التي تفتح مجالا للتحقق: هذا النوع من الأسئلة قد يبدأ من أي من النوعين التعجبي أن الفلسفي، ففي مثال الفلسفي: لماذا للكتكوت ثلاث أصابع . هل كل الطيور له العدد نفسه من الأصابع.

دوافع الأطفال من وراء الأسئلة :

يعتقد معظمنا أن أسئلة الأطفال تنطلق دائما من حب الاستطلاع والرغبة في المعرفة ، وعلى الرغم من أن هذا يعد من أهم الدوافع وراء أسئلة الأطفال إلا أن هناك دوافع أخرى من السهل أن نحددها من خلال أنواع الأسئلة التي تم ذكرها بالإضافة إلى ما يلي :

  • طلب الانتباه : ومن ثم فإنهم لا يأبهون للجواب بقدر ما يحرصون على أن يكونوا محور اهتمام لدقائق معدودة على الأقل.

  • الرغبة في إجراء حوار ، كمتطلب من متطلبات النمو اللغوي مثال : سأل الطفل أباه لماذا تقف في إشارة المرور ، الأب لأن الناس كلهم واقفون لو سرت لاصطدمت بالسيارات الواقفة ، أجاب الطفل : هذا ليس صحيحا ولكنك وقفت لأن الإشارة حمراء .


وختاماً فإن أسئلة الطفل تعد مدخلا تربويا مهما لرعاية الطفل لغويا واجتماعيا و عقليا ونفسيا ... ويتفاوت الأباء في مستواهم من التعامل مع أسئلة الأطفال، وتتدرج هذه المستويات من المستوى الأول الذي يعوق النمو إلى الخامس الذي يحفز النمو ويدعمه، وفيما يلي توضيح هذه المستويات:

الأول : رفض السؤال "لا تسألني ثانية ".

الثاني : الإجابة التي لا تكاد تزيد عن إعادة السؤال: لماذا على أن أكل السلطة ، لأن عليك أن تأكلها.

الثالث : تقديم المعلومة بشكل مباشر أو قول سؤال جيد ولكني لا أعرف الجواب عنه" .

الرابع : تشجيع البحث عن المعلومة : دعنا نبحث عنها في الانترنت.

الخامس : تشجيع العصف الذهني والبحث عن تفسيرات بديلة لماذا يبدو سكان أوربا أطول قامة : الجينات ، الكعب العالي ، التغذية ، الأفكار كلها تطرح ثم يكون التقييم لاحقا.

ومن هنا فإن التعامل مع اسئلة الأطفال يعد مهارة لا مناص من اكتسابها ، إن أردنا أن نقدم مع الرعاية الحقة لأبنائنا، و علينا أن نتسعين على ذلك بالدعاء والصبر وتعلم مالا نعلمه عن عالم أسئلة الأطفال المدهش. وأن نستشعر الأمانة التي جعلها الله في أعناقنا تجاه نمو الأبناء ، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة وفي هديه في الاستماع إلى الأسئلة ، وحسن الإجابة عنها بما يناسب أفهام الناس ومستوياتهم في التفكير.


د. سحر بنت عبد اللطيف كردي

مستشارة الأسرة والطفل   


 تحمل المرفقات
نشر :

إضافة تعليق جديد

 تم إضافة التعليق بنجاح   تحديث
خطأ: برجاء إعادة المحاولة