إدارة الخلافات

إدارة الخلافات
تاريخ النشر : 2024-06-23


إدارة الخلافات الأسرية


الأم: فاطمة الصالة تبدو في حالة فوضى رتبيها ، فاطمة : أنا لم أكن سببا في هذه الفوضى لماذا لا ترتبها زينب !!...


الأم: أحمد واجباتك . الابن: أريد أن أكملها في المساء ،
الأم: ولكنك تكون متعبا في المساء، اتفقنا أن يكون حل الواجب بعد المدرسة مباشرة …


الأب: كان لا بد من معاقبة زيد على فعلته... أن تتساهلين معه، الأم: زيد لم يعد صغيرا لا بد من الحوار والإقناع …


الأم: آن الأوان لإغلاق هذه الأجهزة الإلكترونية والقيام بأعمال أخرى . خالد : ولكن زيدا قضى وقتا في اللعب أكثر مني ، دائما تعطونه فرصة أكبر للعب…


لا تخلو أسرة من خلافات ،ومن أهم أسبابها: الأعمال المنزلية ،تنافس الأشقاء ، قوانين الأسرة، الواجبات المدرسية ،الدرجات ومستوى تحصيل الأبناء، اختلاف التوجهات التربوية وأساليب التعامل مع الأبناء بين الأبوين، النواحي المادية (المصروف، الراتب )، وتكثر الخلافات عندما يصل الأبناء إلى سن المراهقة حيث تنمو قدرات الابن العقلية فيسعى إلى فهم ومناقشة المواقف والقوانين الأسرية التي كان يسلم بها في صغره ،ويحتاج إلى مساحة أكبر من الحرية ،ويحاول الاستقلال والاعتماد على النفس.


وتأخذ هذه الخلافات في بعض الأسر منحى خطيرا يهدد تماسك الأسرة،وينذر بظهور أعراض غير صحية مثل : الهروب من الأجواء الأسرية بالإدمان على الإنترنت أو اعتزال جلسات العائلة، أو الانغماس في اهتمامات شخصية بعيدة عن الأسرة ،بينما تبدو الخلافات في أسر أخرى مجرد مواقف عارضة لا تلبث أن تختفي لتبقى الأسرة في وئام وسلام.


لماذا تزداد الخلافات وتتفاقم ؟ وما الأساليب المعينة على حل الخلافات والتخفيف من آثارها؟

هناك أجواء أسرية تعد أجواء خصبة للخلافات أهمها:
✓ التحكم والسيطرة ،حيث تفرض الأوامر بعيدا عن التفهم والشورى.
✓ المحاكمة :حيث تعرض المواقف كلها التقييم والحكم وتعامل كأنها قضايا تعرض في محكمة.
✓ النقد : التركيز على الأخطاء والثغرات.
✓ التحقير وقلة الاحترام.
وهناك بعض الأساليب التي من شأنها أن تزيد من حدة الخلافات:
تجاهل المشكلات والهروب من مواجهتها.

تغيير الموضوع.
ردة الفعل العاطفية : الرد بعنف أو بعدوان ، أو باحتقار.
إلقاء التهم وتحميل الطرف الآخر المسؤولية عن الأخطاء.
الدفاعية واختلاق الأعذار.
تحويل المشكلة إلى الآخرين ليتولوا حلها.

تشترك الأساليب السابقة في أنها غير فعالة ومدمرة للعلاقات الأسرية. كيف تنشأ هذه الأساليب؟


هناك بعض العوامل التي تسبب ظهور هذه الأساليب ، وهي:
✓ التنشئة: فالسلوك المتبع في حل الخلافات داخل الأسرة ومواقف الصراع والمواجهة
تنتقل من جيل إلى جيل.
✓ القدوة : يتم اكتساب طرق جديدة للتعامل مع الخلافات من خلال النماذج التي يتأثر بها الشخص في حياته كالمعلم أو المدير أو الصديق فيكتسب منهم بقصد أو بدون قصد أساليب لحل الخالفات والتعامل معها.
✓ الحالة الاقتصادية والاجتماعية: حيث يكتسب الشخص مكانة تؤدي لدى بعض الأفراد إلى الإحساس بالسلطة والتقليل من خشية المواجهة وتزيد من إمكانية الدخول في مواجهات متكررة.
✓ الجنس : يتم تشجيع الذكور بشكل عام على استخدام أسلوب المواجهة أكثر من الإناث.

وهناك توصيات مهمة للتقليل الخلاف لعل من أبرزها:


لا بد من تحليل أسباب الخلاف والحد من المواقف المسببة لها ووضع قائمة بالأمور المثيرة للخلاف سواء ما كان منها له صفة الإثارة بشكل خاص في هذه الأسرة وما كان منها مثيرا للخلاف بشكل عام في جميع الأجواء الأسرية،وتحديد قوانين تمنع تكرار هذه السلوكيات، ومن أمثلة الأمور الخاصة التي قد تكون مثيرة لدى الآباء فيغضب ويثور وتقع مشادة كلامية وخلاف عندما يتحدث أحد أفراد الأسرة بالجوال وقت تناول الغداء، وهنا من المهم أن يضع الأسرة قانونا يمنع الرد على الجوال وقت الغداء،ومن الأمور العامة المثيرة للخلاف؛ رفع الصوت والصراخ ؛ومن المهم أن يكون للأسرة قانونا يلزم أفراد الأسرة بعدم رفع الصوت أو الصراخ، وأن من يجد صعوبة في ذلك فعليه مغادرة الموقف إلى حين يهدأ ويتمكن من الحديث دون صراخ، ومن القوانين المهمة في هذا الإطار أيضا عدم استخدام التهديد (مثل إن فعلت كذا فسأكسر لعبتك)، عدم السب أو الشتم أو إطلاق الألقاب (مثل: أناني ، سخيف ...) وبدلا من ذلك يكون الحديث عن الفعل المسيء وليس الشخص، عدم الإهانة والتحقير وتسفيه الآراء فهي لا تؤدي إلا إلى إشعال الغضب والدفاعية وزيادة الخلاف.


التزام أفراد الأسرة بالحوار: ومعناه أن يحصل كل فرد من أفراد الأسرة على حقه في أن يتكلم فيُسمع له باحترام وبدون مقاطعة، فيحقق بعضا مما يريد ويتنازل عن بعض في سبيل أن يحصل شخص آخر على مراده أيضا.


المرونة والتخفيف من الشروط في أوقات اشتداد الخلاف وعدم التركيز على الأخطاء البسيطة، فالقشة يمكن أن تقصم ظهر البعير إذا كان مثقال لأقصى درجة.


لا بد أن يشترك أفراد الأسرة كالفريق في تسجيل الحلول المقترحة ويمكن كتابة عقد أسري يوقع عليه الجميع ومن المواقف الطريفة التي مررت بها في هذا الإطار إحدى الزوجات التي كان زوجها معتادا على أسلوب النقد عند تناول الوجبات التي تعدها زوجته حتى أصبحت تشكل ضغطا نفسيا بالنسبة لها .. وجئت لزيارتها يوما فوجدت عقدا موقعا من زوجها علقته على باب الثلاجة أتعهد أنا الموقع أدناه أن لا أعلق أو أنتقد الوجبات التي تقدمها زوجتي وإن فعلت فإن علي كذا وكذا ...، وبالفعل انتبه الزوج إلى حجم الضغط النفسي الذي يسببه هذا الأسلوب لزوجته وخفّت حدة الخلافات.


الانتباه إلى العوامل غير اللفظية : حركات التحدي ، تعبيرات الوجه الساخرة أو المشمئزة ، نبرة الصوت العدائية ، هذه العوامل الصامتة لها دور خطير في تفاقم مواقف الخلاف.


الانتباه إلى أسلوب الحديث يعد من التوجيهات المهمة في تقليل الخلاف:
أ- استخدام أسلوب المتكلم "أنا" ،بدال من أسلوب المخاطب "أنت" ؛لتقليل من نبرة الاتهام للطرف الآخر أو إلقاء المسؤولية عليه"أشعر بالضيق من بقاء الألعاب بهذا الشكل" بدلا "أنت لا تساعد بالترتيب"،
ب- البعد عن أسلوب التعميم"كعادتك لا تلتزم بالمواعيد" أو أسلوب الصد " أنت لن تتغير أبدا"، تجنب أسلوب اللوم فبدلا من قول " لم لم ترتب غرفتك" يمكن أن نقول "غرفتك لازالت غير مرتبة" ، وبدلا من "لم لم تحل واجباتك حتى الآن".


الحرص تقوية العلاقات داخل الأسرة من خلال العمل على فهم كل فرد للطرف الآخر والاستماع والإنصات لوجهات النظر وإشعاره بالتقدير والحب ،والثناء على الابن كلما ظهرت منه بادرة سلوكية إيجابية .ومن خلال إيجاد أوقات من المتعة العائلية لإزالة آثار الخلافات، فمن شأن الاهتمام بالأجواء الإيجابية وزيادة تكرارها أن يزيح الأجواء السلبية التي تخلفها الخلافات، على أن يتم ترتيبها باقتراح من وأن الأبناء (حديقة المنزل ، منتزه ، مطعم) لا يكون فيها نقاشات غير محببة أو نقد.


عدم ترك الأمور تتفاقم وطلب الاستشارة المساعدة عند اشتداد الخلاف واستمراره، ليتم تحديد جذور المشكلات والجوانب التي ينبغي التركيز عليها في حل الخلافات.


الاهتمام باستخدام أسلوب التعزيز بالنقاط في تعديل السلوكيات غير المرغوبة ،على أن تستخدم بشكل فعال ولتحقيق ذلك ينبغي مراعاة الأمور التالية في تطبيقها:


أ- يحدد الوالدين السلوكيات المراد تعديلها لدى الأبناء (إهمال الواجبات ، عدم التعاون في الأعمال، التطاول والرد غير اللائق ، الشجار...) ثم يتم اختيار واحدا أو اثنين منها.تصميم لوحة تتضمن أيام الأسبوع أفقيا والسلوك المحدد رأسيا.
ب- تستخدم فيها لغة إيجابية فبدلا من كتابة لم يؤد الواجب، نكتب أدى الواجب مباشرة بعد المدرسة.
ت- مناقشة الهدف من اللوحة مع الأبناء وأن الغرض منها هو مساعدتهم على التخلص من أسباب الخلاف واكتساب خصائص إيجابية ومهارات اجتماعية.
ث- تحديد المكافآت والمكاسب التي يمكن تحقيقها من خلال اكتساب النقاط و لا بد أن تكون معقولة ومناسبة للسلوك،
ج- تحديد عدد النقاط لكل سلوك ،المهام البسيطة تحصل على عدد أقل من النقاط ، والمهام الصعبة و الثقيلة على النفس تحصل على نقاط أكثر.
ح- يكون تسجيل النقاط بشكل يومي وبطريقة فورية ، وتقدم المكافآت كل أسبوع.
خ- يتم شطب السلوك الذي تم تعديله من قائمة اللوحة ووضع سلوكا آخر مكانه.
د- يتم مسح عدد من النقاط في حالات وقوع الابن في السب أو سوء الأدب...
ذ- المشكلات التي تتطلب وقتا لتظهر نتائجها كالمستوى التحصيلي للابن يتم تجزئتها ويكافأ الابن على أداء الواجبات بإتقان في وقت أقصر 30-50 دقيقة .


يتعلم الأطفال في الأسرة كيفية التعامل مع الخلافات ويستخدمون مع أقرانهم الأساليب نفسها التي يستخدمها الوالدين ، لذا فمن الأهمية بمكان أن يتم التركيز على أساليب حل الخلاف في الأسرة وتقديم نموذج يحتذيه الأبناء في حياتهم الاجتماعية.


د. سحر بنت عبد اللطيف كردي
مستشارة الأسرة والطفل 

 


 تحمل المرفقات
نشر :

إضافة تعليق جديد

 تم إضافة التعليق بنجاح   تحديث
خطأ: برجاء إعادة المحاولة