التربية على الفرح والبهجة وحب الناس وبرهم

التربية على الفرح والبهجة وحب الناس وبرهم
تاريخ النشر : 2024-06-24


مهارات تربوية

فرحة العيد .. هل تحتاج إلى تعليم؟


"للصائم فرحتان .. فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه"

ما هو الفرح وهل نمارسه في أعيادنا كما ينبغي ؟

الفرح هو أحد مظاهر السعادة: ويتضمن شعورا داخليا وتعبيرا خارجيا ..ويكون الشعور الداخلي عبارة عن إحساس إيجابي غامر يفيض على الملامح ويشع من النظرات ويرتسم تعبيره على الوجوه تبسما وانبساطا.


قد يسأل سائل عندما يستوقفه عنوان المقال وهل نحتاج إلى تعليم الأبناء كيف يفرحون ؟


يولد الفرح التلقائي مع الأطفال ولكنه كثيرا ما يتضاءل مع مراحل العمر كما أننا قد نسهم من حيث لا نقصد في التقليل من مشاعر الفرح وتعبيراته من خلال ما نكثر قوله لأبنائنا بدون داع أحيانا من (لا) أسرع ( لا تلوث ملابسك ) فنقضي على فرحة الاكتشاف والإنجاز التي تغمرهم وهم يتعلمون من مواقف الحياة والتي لا يترتب على تركهم يمارسونها ضررا ولكنها تتطلب منا الجهد والصبر، حتى في المواسم والمناسبات السعيدة نخاف أن تتسخ ملابسهم أو يختل هندامهم ونريدهم أن يبقون كالمحنطين. 


إن واقع حياتنا المعاصرة يجعلنا بحاجة إلى تعلم وتعليم كثير من الأمور الفطرية التي كان من الممكن أن تظهر وتنمو في الأجواء الاجتماعية الحميمة، ولكن مع غياب التواصل المطلوب داخل الأسرة وانحسار الوعي بحاجات الأبناء ودورنا تجاهها، أصبحنا ننادي بتعلم وتعليم المهارات الانفعالية والاجتماعية ، وإذا قررنا أن نعلم أبناءنا الفرح فلنبدأ بأنفسنا فأبناؤنا يعكسون ما يخبرونه من أفعالنا أكثر من تعليماتنا.


يجب أن نسأل أنفسنا أولا أين يقع الفرح في حياتنا؟ هل نعيش مشاعر الفرح في حياتنا اليومية أم أننا مشغولون جدا، ومضغوطون، تستغرقنا الكثير من التفاصيل الصغيرة ، لا وقت لدينا لكي نحس بالفرح ينبع من أعماقنا حتى يفيض على وجوهنا ويشع من نظراتنا ، هل نقف لنستمتع بجماليات بيئتنا المحيطة جمال الورد .. السماء .. النجوم ، هل نحس بأنها تمدنا بشعور يملأ وجداننا انتعاشا ونشاطا؟ هل نستمتع بجمال الطفولة أم يغلب علينا التبرم من تكاليف الرعاية ؟ هل نطلق لأنفسنا العنان لنعيش في عالمهم؟ أم نجلس معهم على مضض خوفا على أوقاتنا من أن تضيع في لعب فارغ ، ولا نلبث أن نغادرهم ونستغرق في تكاليف الحياة ؟


وعلى صعيد آخر يردد البعض كيف نفرح والمسلمون يعانون في كل مكان؟ .. وهل يلزم من مشاركة المسلمين مشاعرهم أن تختفي الفرحة من أعيادنا؟ هاهم إخواننا في فلسطين يقدمون نموذجا لأفراح العيد رغم الجروح وفوق الأنقاض ففرحة العيد عبادة .. وقد اقتضت سنة الله في الطبيعة البشرية أن تكون مهيأه لإدارة المشاعر وفقا لمواقف الحياة ومقتضياتها فلكل واحد من الانفعالات دوره في تحقيق التوازن النفسي فالإنسان يحتاج إلى الفرح للتزود بالنشاط والحيوية كما يحتاج إلى وقفات الحزن وما تتضمنه من تقويم للواقع وهكذا بالنسبة لسائر الانفعالات...

ماهي أساليب التعبير عن الفرح التي نقصدها؟ لقد علمنا الإسلام أن نعبر بوضوح عن فرحتنا من خلال إعلان التكبير ، مشاركة الناس ، العطاء (الصدقة) ، التهنئة ، الزيارة، صلة الأرحام، مما يدل على أن فرحة العيد تتعدى الشعور الفردي إلى الفرح الجماعي ،ولكنه لم يحدد لنا أسلوبا معينا في التعبير فالأمر متروك لإبداعنا.

في أيامنا هذه يترحم الناس على أعياد زمان ، ومنهم من يتطلع إلى أعياد غير المسلمين يلتمس فيها مظاهر الفرح... لماذا لا نقف مع أعيادنا وقفة تقويمية ونضع خطة لأعياد سعيدة يعمها الفرح الذي وجهنا ديننا لأن نعيشه في هذه الأيام الفاضلة ، هل احتفالاتنا بالعيد مرضية لأجيالنا؟ إن المتتبع لرأي الشباب والأطفال ليلمس عدم الرضى لدى كثير منهم، وكثيرا ما يطلبون السفر في العيد وعدم المشاركة في برامج العائلة التي لا تتعدى في معظمها الزيارات والخروج الاعتيادي إلى المنتزهات. 


لكل زمان أساليبه ومستجداته والفرحة بالعيد ليست بدعا من هذا ، ولكن يصر بعضنا على الالتزام بصورة نمطية للعيد تلقى مقاومة من كثير من الأبناء وهم يرون أمم الأرض على الشاشات تقيم المهرجانات و ترتب للاحتفالات ، مما يجعلنا نفكر في تطوير تعبيراتنا وإعطائها لمسة إبداعية لا تخرج عن أصالتنا وتميزنا، لا نريد أن نقلد النصارى فلدينا أساليبنا الأصيلة الممتعة التي تتطلب فقط أن نستعد للعيد بفرح لنخرجها إلى الواقع فنسعد بالعيد ونسعد من حولنا.

من أهم معاني الفرح التي علينا أن نهتم بها:أن نعلم الأبناء بماذا يفرحون ؟ يفرح الأبناء في العيد بالهدايا وفي غمار الفرحة بالهدايا والعيديات قد لا ننتبه إلى العامل الأهم الذي يجب أن نركز عليه وهو الفرح بالإنجاز (أداء العبادة) " قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون " 


والمعنى الآخر المهم في العيد هو المشاركة في مشاعر البهجة والعمل على إشاعتها، وأن لا يكون هم كل واحد إسعاد نفسه، والتواصل مع الأهل وبرهم.

كيف نوصل هذه المعاني للأبناء؟ إن أفضل طريقة لإيصال هذه المعاني هي من خلال ترتيبات العيد وما تتضمنه من التخطيط لجعل هذه الأيام القليلة تحمل فوائد عظيمة وذكرى جميلة ويمكن اقتراح الخطوات التالية :

✓ الإعداد المعرفي المسبق من خلال المعلومات من قصص وحكايات عن العيد ومعانيه وأهدافه وعن الإسلام ومنهجه في إشاعة الفرح، والتركيز على مشاركة الأهل وصلة الرحم، والصدقة.

✓ إشراك الأبناء وإعطائهم أدوار في إعدادات العيد بالتشجيع والتعاون بعيدا عن المحاسبة أو اللوم.

✓ الإعداد المبكر بشراء الملابس الجديدة وترتيبها بطريقة جميلة، بحيث يضيف منظرها حماسا وفرحة منذ بداية الإعداد للعيد.

✓ العناية بهدايا العيد:

  • هدايا الأبناء : شراء الهدايا مبكرا وتغليفها بطريقة أنيقة وكتابة كروت للأبناء لتهنئتهم على إنجازات حققوها في رمضان أو قبله، وخدمات قدموها وشكرهم عليها وإبراز مميزاتهم وحثهم على المزيد من الارتقاء، ومن المهم أن تكون الهدايا مما يحلم به الأبناء، على أن لا يكون في ذلك إرهاق لميزانية الأسرة.

  • هدايا الزائرين: شراء هدايا منوعة في أكياس أنيقة للزائرين، يعمل الأبناء على تجهيزها وتقسيمها وتغليفها ، والإعداد لمناسبة توزيعها وما يصاحبها من أنشطة.

  • هدايا صلاة العيد : إعداد أكياس من الحلوى بها بعض الريالات لتوزع على الأطفال في صلاة العيد، لتدريب أبنائنا اتخاذ خطوات لإسعاد الآخرين.

✓ الإعداد ليوم العيد :بكل ما يعزز الفرحة :

  • شهود صلاة العيد والاستمتاع برؤية احتشاد المسلمين للمشاركة في يوم الجوائز وتعزيز هذا المعنى.

  • تجهيز التمور بأشكالها التي يفضلها أفراد الأسرة والحلوى وتجهيز شريط بالتكبيرات وأناشيد العيد.

✓ الترتيب للزيارات الأهل والأصدقاء وصلة الأرحام ، بوضع برنامج بمشاركة الأبناء.

✓ تحديد صدقة لتوزيعها على المحتاجين أو إرسالها إلى الجهات الخيرية .

✓ الإعداد لرحلة أسرية لتعزيز أجواء الود بين الأبناء وبين الزوجين، بعد انتهاء الأيام الأولى من العيد.

✓ توضيح فكرة العيدية؟ فقد أخذت لدى البعض بعدا غير سوي ، فأصبح بعض الأبناء يتسولونها من الأهل ، ويغضبون إذا انخفضت عن توقعاتهم ، لا بد من أن يفهم الأبناء أنها هدية رمزية وأن الأصل عدم التطلع إلى الأعطيات المالية من أحد وأن العيدية تحمل طابعا خاصا ، ويمكن من خلال التخطيط للعيد أن تتم مناقشة صرف العيدية وتخصيص قدر للفقراء منها و شراء هدية لصديق ، وشراء بعض الأغراض التي يتطلعون إليها.

كانت هذه بعض الخواطر بشأن مشاعر الفرح وإشاعتها في أجواء العيد، ولا شك أن القراء الكرام لديهم من الأفكار والابتكارات الكثير مما يتطلب فقط إطلاقها وتفعيلها ليكون عيدنا هذا العام مختلفا عن سابقه، يخرج منه أبناؤنا بخبرة شعورية إيمانية عميقة . . . وكل عام وأنتم بخير.


د. سحر بنت عبد اللطيف كردي

مستشارة الأسرة والطفل  



 تحمل المرفقات
نشر :

إضافة تعليق جديد

 تم إضافة التعليق بنجاح   تحديث
خطأ: برجاء إعادة المحاولة