كيف نغرس التفاؤل في نفوس الأبناء

كيف نغرس التفاؤل في نفوس الأبناء
تاريخ النشر : 2024-06-25


كيف نجعل أبناءنا أكثر تفاؤلا؟


كنا في السيارة على طريق السفر ووجدت ابنتي في خزانة الكرسي قرصا مدمجا CD لفيلم كرتوني ففرحت به، وقالت: نمضي بعض الوقت في مشاهدته، فسارع الصغير قائلا: لن يعمل.


فنظرت إليه ابنتي منزعجة: لماذا تقول هذا؟!! بل سيعمل إن شاء الله. وبقي الصغير ينظر مرتابا بينما كانت هي تحاول تشغيله بحماس، وبدأ الفيلم فالتفتت إلى أخيها معاتبة أرأيت!!!


تلعب الخبرات والمواقف السابقة دورها في نفوسنا وتحدث لدينا قناعات تترسخ عند بعضنا لتصبح فكرة افتراضية تجعله يتوقع نتائج المواقف المختلفة في ضوئها، بينما تأخذ تلك الخبرات مكانها الطبيعي عند آخرين لتصبح نتائجها إحدى الافتراضات لنتائج المواقف والأحداث وليس أولها. ما السبب؟ لماذا يلجأ هؤلاء إلى أسوأ الخبرات السابقة ليجعلوها خيارهم الافتراضي في تفسير المواقف وتوقع نتائجها !؟ السبب هو الخوف من الإحباط، فهم لا يريدون أن يتوقعوا نتائج مفرحة ثم لا تكون كذلك. هل يمكننا أن نربي أبناءنا بحيث يتوقعون الأفضل ولا يجعلهم خوف الإحباط يصبغون حياتهم وحياة الآخرين من حولهم بصبغة سوداوية تتوقع أسوأ النتائج بدعوى الواقعية، ويرون أنها المسلك الأقوم.


هنا سؤال طرح نفسه في الأوساط العلمية: ما الذي جعل فئة من الناس تفكر بطريقة تفاؤلية فترى أن لكل مشكلة حل، وأن لكل شخص دور في حل مشكلاته ومواجهة أحداثه. هل ورثو هذه الصفات أم اكتسبوها ، هل التفاؤل صفة وراثية؟ الحقيقة أن هناك دلائل بحثية على أن هناك ارتباط بين تفاؤل الآباء وتفاؤل الأبناء ، و أننا نبدأ حياتنا بحماس وتفاؤل نتوقع الخير دائما ثم تأتي الخبرات السيئة وتأتي التوجيهات التربوية فتفعل فعلها في تشكيل توجهاتنا وتوقعاتنا . فالوالد المتشائم السلبي يؤثر بشكل كبير في طريقة الأبناء في تفسير الأحداث ، وتثبت نتائج العلاج المعرفي على عينات من المتشائمين أنه يمكننا أن نغير الطريقة التي نحدث بها أنفسنا عن الاحداث وكيف نفسرها مما له أثر مباشر على الانفعالات التي تظهر في استجاباتنا للمواقف .


يعتبر التفاؤل حجر الزاوية في المثابرة وأساس لتحقيق النجاح في أي مجال، فالدراسات تؤكد أن المتفائلون الذين يعتقدون أنهم سينجحون يكونون أقدر على تحقيق النجاح بالفعل. فالتفاؤل يدفعهم إلى الصمود حتى تحقيق الهدف، وأنهم كذلك أقل عرضة للأمراض، وأقدر على إقامة علاقات اجتماعية ناجحة، كما و جد أن المعمرين غالبا ما يتمتعون بصفة التفاؤل .


عندما تتابع الظروف الصعبة تريد لطفلك أن يرى أن هذه الظروف ليست دائمة وليست موجهة إليه وإلى أسرته دون سواهم وأنه يستطيع أن يعمل لتحسين الأحداث والظروف سيأتي بعدها خير وإلا لماذا يجمع شتات نفسه ويستمر في بذل الجهد؟


هناك أمور لا بد أن نتنبه إليها في تربية أبنائنا على روح التفاؤل :

أن ديننا وإيماننا يوجهنا بقوة إلى التفكير الإيجابي وتوقع الخير ، ويربط لنا الأسباب بالمسببات فلا شيء يحدث إلا بحكمة ولهدف ، فينبغي أن نربي أنفسنا وأبناءنا على ذلك

  • انتبه إلى الطريقة التي يفكرون بها في مواجهة الأحداث، هل الكوب نصف ممتليء أم نصف فارغ ، راقب مشاعر ابنك عندما يحدث موقف سلبي هل ينظر له على أنه نموذج للأحداث التي يتوقعها في حياته" نعم هذا ما توقعته دائما تسير الأمور على هذا النحو "، هل يعتقد أنه مقصود بالأحدث السيئة دون غيره (لماذا يحصل هذا معي أنا بالذات) ، إذا تبين لك أن ابنك متشائم يمكنك أن تعلمه التفاؤل.

  • واجه التشاؤم : التشاؤم يمكن تعريفه بأنه توقع حدوث الأمور السيئة ، المتشائمون يفكرون بطريقة كارثية "لن يكون لدي أصدقاء في هذه المدرسة الجديدة".

  • تغلب على الأفكار الأربعة التشاؤمية: دائما ، التعميم، الشخصنة ، العجز وقلة الحيلة .

  • علم طفلك التفاؤل: أهم فكرة في التفكير الإيجابي هي أنك تدرك الأحداث بالطريقة التي تختارها فلك أن ترى فيها محنة ولك أن ترى فيها منحة، ساعد ابنك ليدرك أن الأحداث لاعلاقة لها ببعض بمعنى أنه إذا فشل في أ مر فليس بالضرورة أنه سيفشل في آخر، وأن الحدث الذي حصل له يمكن أن يحدث لغيره ، وأنه في مقدوره أن يواجهه ويعالج الموقف.

  • ساعد الابن على تعلم التفكير التفاؤلي الذي يتضمن الأفكار الثلاث التالية :

o هناك خطوات يمكنني فعلها لمواجهة الموقف.

o هناك أسباب للأحداث التي تحصل .

o السبب يقود إلى النتيجة وهذا مطرد في الأحداث على الدوام .

  • واجه حديث النفس السلبي بثلاث خطوات اقترحها رواد العلاج النفسي المعرفي وهي: كن واعيا بهذه الأحاديث ، ابعدها عن شخصك ، تكلف خلافها بمعنى قاومها وحاول أن تستبدلها بأفكار أخرى إيجابية.

  • كن قدوة في التفاؤل ، راقب تصرفاتك ؛ هل تقول مثلا لن نصل على الوقت ، كنت أعلم أن هذا سيحدث، ما تعكسه سييتم دمجه في نظام طفلك المعرفي يوميا، إذا كنت تريد أن يتعلم طفلك التفاؤل لا بد أن تكون أنت نفسك أكثر تفاؤلا.

  • هناك ارتباط وثيق بين النجاح وبين التفاؤل . دع ابناءك يجربون النجاح من خلال إنجاز مهامهم بأنفسهم في سن مبكرة واعمل على تعزيز هذا النجاح وربطه بالسبب وهو اجتهادهم.


د. سحر بنت عبد اللطيف كردي

مستشارة الأسرة والطفل  



 تحمل المرفقات
نشر :

إضافة تعليق جديد

 تم إضافة التعليق بنجاح   تحديث
خطأ: برجاء إعادة المحاولة