مهارة تحويل مواقف الخلاف إلى مواقف تعاون

مهارة تحويل مواقف الخلاف إلى مواقف تعاون
تاريخ النشر : 2024-06-25


مهارات تحويل مواقف الخلاف إلى مواقف تعاون


يتعامل معظم الناس مع مواقف الخلافات بطريقة (رابح -- خاسر) بمعنى أن الموقف ينتهي في الغالب بفوز طرف وخسارة الآخر، و لو أخذنا مثال من واقع التعامل مع الأبناء (أداء مهمة) لنوضح كيف يتم تطبيق هذه الطريقة؛ نجد أن الأم مثلا تطلب من الابن أداء مهمة قد يستجيب لها وينتهي الموقف دون خلاف، وقد يتباطأ ويعترض، عندها إما أن تفرض الأم المهمة وتجبر الابن على أدائها فتتحقق طريقة رابح (الأم) خاسر (الابن) وإما أن تستخدم طريقة (رابح -- رابح) حيث تعمل بمهارة على أن يستجيب الابن دون الإحساس بالإجبار بل بالتعاون وقد ضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في حديثه مع الشاب الذي طلب الإذن بالزنا ، فلم يقل له : لا ، هذا محرم ، كيف تجرؤ على طلب كهذا. بل قال - بأبي هو وأمي – أترضاه لأمك .. لأختك .. إلخ ، فاستجاب الشاب طائعا مقتنعا. وفيما يلي توضيح لمواقف يمكننا فيها تجنب الخلاف أو تحويله :

مهارة تحديد الاختيارات:

عندما يكون الاختيار متاحا للطفل فإن ذلك يساعده على الالتزام. 

الممارسة الخاطئة: لمهارة تحديد الاختيار ، تظهر حين تقول الأم: إما أن تنتهي من دروسك وواجباتك وإما أن تحرم من الذهاب لزيارة ابن عمك .

الممارسة الصحيحة: تقول الأم: هل تريد أن تؤدي واجبك على طاولة غرفتك أم طاولة السفرة ، أو يكون الخيار في الوقت؛ هل تريد أداء الواجب قبل العصر أم بعده.

مهارة الحزم :

موقف : طفلك يقفز على السرير، ما هو التصرف المناسب؟

الأم الحازمة : السرير ليس للقفز ، الابن يستمر في القفز ، الأم : تأخذه من يده وتخرج به خارج الغرفة وتؤكد له أن السرير لا يصلح للقفز وأنه من الممكن ترتيب نزهة يتمكن فيها من القفز في المكان المخصص لذلك.

الأم المتساهلة : تقول بشكل عابر .. أنزل ياولد ، لقد قلت لك مرارا أن الأس ر ة ليست للقفز ، تنادي بين فترة وأخرى يكفي هيا انزل ثم تستسلم وتسكت .

الأم المتسلطة تصرخ : توقف وإلا ...، يستمر الابن في القفز، تهب الأم وتسحبه من السرير قائلة لا يجدي معك سوى العقاب .

مهارة التشجيع: تتم هذه المهارة حين تسلط الأم الضوء على الإيجابيات في شخصية الأبناء، مثال يشارك الابن في رفع الأواني من على السفرة : تقول الأم تصرف رائع إنك تثبت تعاونك ومساعدتك لأفراد أسرتك، وهو هدي النبي صلى الله عليه وسلم حين كان في بيته مساعدا لأهله في كل عمل يقومون به، فيدرك الابن أن الأم منتبهة إلى إنجازه ، ويساعده ذلك على زيادة السلوك الإيجابي الذي شجعته الأم والإحساس بقيمته في الأسرة.

أما التطبيق الخاطئ لهذه المهارة فهو قول الأم : أشكرك على مساعدتك خذ هذه الحلوى ، وهو خاطئ لسببين :

الأول: أن الأم لم تفص ل الثناء ولم تستفد من الموقف بشكل تربوي كان لا بد من تحديد الجوانب الإيجابية.

الثاني : أن المكافآت المادية حين تستخدم باستمرار فغالبا ما تعطي نتائج عكسية حيث يتعلم الأطفال الحصول على المقابل ويتعلمون التطلع إليه بدلا من التطلع إلى فعل الصواب.

مهارة افتراض المقصد الإيجابي:

الموقف : ابنك يدفع أخته الصغرى ليمر بسرعة، عند افتراض المقصد السلبي ستقولين : ماهذه الفظاظة، أنت غليظ و؟ أنت تفترضين أن الابن متعمد وفظ في التعامل ، وقد لا يكون الابن كذلك بل يكون مستعجلا فقط، عندها ينفعل ويكون دفاعيا، والاحتمال الآخر أن يكون الابن متعمدا ولكن حتى في هذه الحالة إذا وجد أنك تحسنين الظن فيه يندم ويعمل على أن يكون عند حسن ظنك.

الموقف على افتراض المقصد الإيجابي : الأم إذا أردت المرور وكان في الطريق شخص فلا يصح أن ندفعه فالدفع يؤذي، والطريقة الصحيحة أن تقول من فضلك أفسحي الطريق. عندها ستصل الرسالة لابنك بأنه شخص محترم، وقد ارتكب خطأ ، وأن الخطأ وارد من كل إنسان ومن الأفضل التسامح مع الأخطاء، وهكذا يتعلم أطفالنا هذه الطريقة في التعامل مع الآخرين.

مهارة الإحساس بالمشاعر: (مهمة جدا في التعامل مع الثورات الانفعالية)

الموقف : حددت لابنك ساعة للعب بعد انتهاء الساعة المحددة تطلبين منه التوقف. فيترجاك أن تتركيه ليكمل اللعب ويستخدم أنواع التعبير ليشعرك بأنه مظلوم ومحروم، ما العمل؟ هل الأفضل الالتزام بالوقت أم بإعطاء فرصة إضافية؟

بالطبع الالتزام بالوقت المحدد أفضل لتعليم الابن مهارة أساسية في حياته وهي الانضباط والاتزام، ولكن مثل هذه المواقف تتطلب مهارة ليحقق الموقف التعليم المراد، يمكنك أن تجيبي طفلك :

تبدو حزينا محبطا لأنك لم تكمل اللعب ! فيقول لقد كنت مستمتعا ، عندئذ تجيبينه من الصعب أن نحرم من إكمال اللعب الممتع، ولكني أحبك وأحرص على أن تكمل واجباتك أو أن تنام مبكرا وتأخذ قدرا كافيا من النوم، إن الإحساس بالمشاعر يجعلك تستمعين إلى طفلك مما يشعره بالتعاطف، بالتأكيد لن يتحول الطفل من الكدر والضيق إلى السرور ولكنه سيتعلم قيمة مهمة وهي قيمة الالتزام من ناحية وقيمة المشاعر والتعاطف من ناحية أخرى، وأن الإحباط وعدم تحقق الرغبات جزء من الحياة لا بد أن يتعامل معه. على العكس من تجاهل المشاعر كأن تقول الأم قلت لك أقفل الجهاز ولا أريد كثرة الكلام ، فإنها تش عر الطفل بالقسوة .

مهارة العواقب:

الموقف: طفلك يضرب أخاه تقولين لا أستطيع تصور ما فعلته ، أنت محروم من الخروج معنا بعد الظهر .

إذا كان الغرض تخويف الطفل من تكرار السلوك السيء فإنه سيتحقق من خلال هذا الأسلوب ، أما إذا كان الغرض أن يتعلم الطفل تقدير العواقب ، فالأسلوب السليم أن نقول : قمت بضرب أخيك ليترك لك اللعبة . إذا قمت بضربه ثانية بدلا من التحدث معه والتفاهم فسوف تذهب لتبقى بعضا من الوقت في الصالة، مواقف الخلاف مهمة في التعلم وليست سيئة فمنها يتعلم الأبناء كيف يكونون أكثر خبرة ومهارة في اختيار ردود الأفعال المناسبة والفعالة عند مواجهة مواقف الحياة ، وتغرس في نفس الطفل تحمل المسؤولية، وفن التعامل مع المواقف.

مهارة ضبط النفس:

تحتاج مواقف الخلاف إلى ضبط النفس، لأن الانفعالات تنتقل بين الطرفين وتعوق إمكانية حل الخلاف ، لا تطلبي من طفلك الالتزام بسلوك لا تلتزمين به، فمن غير المعقول أن يتعلم الأبناء غير الشيئ الذين يرونه يتمثل أمام هم نموذجا واقعيا، فإن قلت: لا تصرخوا ي ا أولاد وتكلموا بهدوء.

وكنت تفعلين ذلك فلن يتعلم الأبناء إلا ما يرونه.

ينشأ ضبط النفس من القدرة الإدراكية التي أساسها أنه لا يمكن أن يدفعك أحد إلى الغضب رغما عنك. فالغضب ينتج من تفكير مسبق وتحضير داخلي وينتهي بسلوك ، ويمكننا أن نضبط الغضب حين نوطن أنفسنا على ذلك ونبدأ في تأمل تصرفاتنا وحين يبدأ تسرب الغضب إلى وجداننا نتوقف ونصحح.

يفقد المربي قوة التأثير حين يستخدم قوة السلطة، فيتم أداء المهام ويتشكل السلوك وفقا لوجود السلطة أو غيابها ، فإن غابت السلطة يترك الأبناء الأعمال التي فرضت عليهم بالسلطة ، ويبقى ما فعلوه متأثرين ومقتنعين. لذا لا بد للمربين من تدريب أنفسهم على تحويل مواقف الخلاف إلى مواقف تعاون لتكون سلوكيات الأبناء منضبطة ذاتيا.


د. سحر بنت عبد اللطيف كردي

مستشارة الأسرة والطفل  



 تحمل المرفقات
نشر :

إضافة تعليق جديد

 تم إضافة التعليق بنجاح   تحديث
خطأ: برجاء إعادة المحاولة