تنمية مهارة إدارة المال لدى الأبناء

تنمية مهارة إدارة المال لدى الأبناء
تاريخ النشر : 2024-06-25


تنمية مهارة إدارة المال لدى الأبناء


سألت إحدى قريباتي كم هو المبلغ المناسب كمصروف لابني؟ لا أريد أن أعطيه أكثر من اللازم فيتعلم الإسراف. فأثارت بسؤالها شعورا بأهمية مناقشة التربية المالية للأبناء، فالتعامل مع المال قضية تربوية مهمة لا يلتفت كثير من الآباء إلى أهميتها التربوية ، وما يمكن أن يؤدي إليه إهمالها من ظواهر سلوكية خطيرة كالتبذير والإسراف، أوالبخل، أوعدم الوعي بالمخاطر المختلفة في التعاملات المالية ..وقد وجهنا القرآن إلى الاهتمام بالتعاملات المالية وحذرنا من الآفات السلوكية المترتبة على سوء استعمال المال. قال تعالى: وَآتِ ذَا القُربَى حَقَّهُ وَالمِسكِينَ وَابنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِر تَبذِيرًا ﴿ ٢٦ ﴾ إِنَّ المُبَذِرِينَ كَانُوا إِخوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيطَانُ لِرَبهِ كَفُورًا ﴿ ٢٧ ﴾ وقال الله تعالى" وَكُلُوا وَاشرَبُوا وَلَا تُسرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِب المُسرِفِينَ 1 " "الأعراف 31" وقال صلى الله عليه وسلم "لا تزولُ قَدَمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ عَن عُمُرِه فيم أفناهُ وعن جسدِهِ فيم أبلاهُ وعن عِلمِهِ ماذا عَمِلَ فيهِ وعن مالِهِ مِن أَينَ اكتَسَبَهُ وفيم أنفقَهُ " 2 "رَواه ابنُ حِبَّانَ والترمذيُّ في جامِعِه".

وقد تكلم كثير من الاقتصاديين والتربويين عن سلوك التبذير والإسراف واعتبروهما من أهم العوامل في فشل المشروعات ومعاناة الإنسان من جراء تصرفاته المالية غير الرشيدة. ويحتاج الأفراد الذين يعانون من مشكلة التبذير إلى جهد كبير للتخلص من هذا السلوك المدمر للنجاح، وتعلم سلوك الترشيد وعدم التعجل في القرارات الشرائية . وبتدريب الأبناء على التعاملات المالية الصائبة منذ بداية حياتهم نكون قد أعددناهم للسؤال عن نعمة المال " وعن ماله من أين اكتسبه..."

وساهمنا في تثقيفهم وتحفيزهم ليكونوا مستثمرين ناجحين وتأهيلهم ليكون لهم دور في خدمة أسرهم ومجتمعهم.

ومن الجميل في موضوع التربية المالية للأبناء أنه يتضمن عنصرا تربويا مهما وهو التدريب على اتخاذ القرار ففي كل يوم هناك قرارات للإنفاق ، ومواقف يمكن من خلالها اكتساب مهارة التعامل مع المال، فنكون قد حققنا بالإضافة إلى التدريب على إدارة المال التدريب على اتخاذ القرار.

والسؤال الآن كيف ومتى نبدأ في تعليم الأبناء إدارة المال ؟

يبدأ الاهتمام بالتربية المالية منذ بداية تعلم الطفل العد ، وهناك طرق وأساليب يمكن من خلالها تزويد الطفل بالمعلومات وإتاحة الفرص لاكتساب مهارات التعامل مع المال، منها:

  • ملاحظة سلوك الأبوين المالي والطرق الحكيمة في الإنفاق ، فالقدوة هي أكثر الأساليب فاعلية. كما يتعلم الأبناء السلوك الاستهلاكي السليم من خلال الممارسات اليومية في الحفاظ على النعمة وعدم الإسراف ، والاستفادة من بواقي الطعام في صنع أطباق جديدة لليوم التالي.

  • تكوين النظرة البعيدة للتوفير، فمثلا عند تقديم المصروف للابن وليكن 5 ريالات ، نعرض عليه أن يأخذ أربعة ريالات ويدخر ريالا.

  • توجيه الطفل إلى الصدقة ووضع مبلغ من المال كل يوم أو كل أسبوع للصدقة .. وأن الصدقة تزكي المال وتنميه، وأن الإنسان عندما يكون في ضائقة مالية فإن أفضل ما يمكن عمله هو الصدقة، فضلا عن كونها تكفر الذنوب وتقرب الإنسان من الله تعالى.

  • إدخال موضوع المال في الحوارات الدورية الأسرية – الاجتماع العائلي الأسبوعي-حيث يتم مناقشة الأبناء وتعريفهم على أدوات وأساليب التعاملات المالية ويمكن مناقشة الأبناء الأكبر سنا في اقتصاد البلاد.

  • مساعدة الأبناء في التفريق بين الحاجة ، والرغبة والأمنية.

  • تهيئة الفرصة للأبناء للتعرف على البنك ، ويمكن فتح حساب خاص بمن يعي منهم ، وترك الحرية له ليسحب من الحساب المبلغ الذي يريده ، فالممارسة مع التوجيه تعد من أهم وسائل التعلم.

  • وضع سج ل للإنفاق والادخار بحيث يكتب بشكل واضح المبلغ وما صرف منه وما أضيف إليه بشكل يسهل على الطفل رؤية أوضاعه المالية في شكل أرقام ، فالتعامل مع الأبناء يحتاج أن يكون أقرب ما يكون إلى الحسية وتزداد الحاجة للحسية كلما كان الابن أصغر سنا.

  • يعتبر التسوق فرصة مناسبة جدا لتعلم الأبناء مهارات التعرف على الأسعار واتخاذ القرار الشرائي ، ومتابعة جمع الحسابات ودفع القيمة .

  • تحذير الأبناء من التعاملات المالية التي لها آثار سلبية كالدَّين أو التقسيط ، وتوضيح مضار التعود على الدَّين ، وشرح كيف أن التقسيط هو أن تدفع في السلعة نفسها مبلغا أكبر مما تستحقه، وأن الادخار وحسن إدارة المال يجعلك في غنى عن مثل هذه التعاملات التي يؤدي تراكمها إلى شقاء الإنسان وتنغيص حياته.

  • الحذر من تعويد الأبناء - حتى عند بلوغهم سن الجامعة - على البطاقات الائتمانية التي تشجع الإنسان على الدفع دون التفات إلى القدرة الشرائية الحقيقية فيفجأ بأن عليه في النهاية أن يسدد ما دفعه من خلال بطاقة الائتمان والذي قد يفوق ما لديه من المال ويضطره للدين.

  • ومن المواقف المفيدة جدا وخاصة قبل العيد حيث يحصل الأبناء على مبالغ من المال وتصبح الفرصة مهيأة للتطبيق ممارسة لعبة التسوق بحيث تشمل أركان : محل ألعاب، محل آيسكريم ، بقالة ، مكتبة ، محل بيع زهور... وتوضع الأسعار على كل السلع ، ويكون لدى كل طفل مبلغا من المال وعليه أن يحدد مالذي يشتريه بالمبلغ ، ويكون الوالدين أو أحدهما مشاركا في اللعبة بحيث يقوم بشراء مجموعة من السلع ومقارنة مشترواته مع مشتروات الطفل ويوجهه بطريقة غير مباشرة لتحديد الأولويات. 

وللإجابة على السؤال الذي بدأنا به موضوعنا بخصوص قيمة المصروف ، في البداية يكون تحديد المبلغ وفق ما يفترض أن يغطيه من احتياجات هل يتضمن أن يشتري ما يلزمه من ألعاب وقصص أم أنه لتغطية الاحتياجات اليومية في المدرسة فقط. لا بد أن يكون مصروف الطفل إن اليومي كافيا لاحتياجاته حتى لا ينظر إلى ما في أيدي أقرانه، وأن لا يكون زائدا حتى لا يؤدي به إلى الإسراف في الشراء وتبذير المال، ويفضل أن يقدم للطفل المصروف بشكل ثابت وليس حسب الطلب ليتم توجيهه وتدريبه على إدارة المال.


د. سحر بنت عبد اللطيف كردي

                                                مستشارة الأسرة والطفل



 تحمل المرفقات
نشر :

إضافة تعليق جديد

 تم إضافة التعليق بنجاح   تحديث
خطأ: برجاء إعادة المحاولة