تربية الأبناء على البر

تربية الأبناء على البر
تاريخ النشر : 2024-06-24


مهارات تربوية

تربية الأبناء على البر


جمعتنا جلسة برية والتفتت صاحبتي إلى ابنتها ذات الستة عشر ربيعا وقالت لها: نسيت المكسرات في السيارة هل يمكنك إحضارها ؟ فأجابت على الفور: بعد أن جلست أقوم مرة أخرى!!!! ؟ لا .. لا يمكنني. سكتت الأم. ولم يبد عليها أنها استغربت أو انزعجت من ردة فعل ابنتها ، ولم تزد على أن ابتسمت وتابعت حديثها معي ، و حكت إحدى الصديقات عن ابنها ذو العشرين عاما كيف يرد عليها عندما تطلب منه شراء بعض الاحتياجات المنزلية ،"أفففف ، ألا تكفون عن الطلبات ؟

لماذا يتصرف الأبناء على هذا النحو؟ ما هو دورنا لتجنب مثل هذه النتيجة ؟

يتصرف الأبناء على هذا النحو لأنهم تعلموه .. فعندما ينشغل الآباء عن تقويم السلوك وتدريب الأبناء على سلوك البر يتعلم الأبناء من الوسائط التربوية الموجودة في المجتمع، فتتدخل الصحبة السيئة ووسائل الإعلام بما تتضمنه المشاهد والمسلسلات من استخفاف بالآداب وتطاول ورفع للصوت تحت مسمى الحريات الشخصية، والتعبير عن النفس.

و دورنا التربوي لتجنب مثل هذه المواقف يتمثل في :

  • القدوة : وذلك بالممارسة الفعلية لفنون التعامل من قبل الآباء في العلاقة بوالديهم والأهل والأبناء ليقدموا مثالا حيا للمبادئ التي يدعون لها، ونموذجا للسلوك الذي يريدون لأبنائهم أن يطبقوه في تعاملهم.

  • الاهتمام بالتهيئة للمواقف قبل حدوثها وتحديد التوقعات بحيث يتم توجيه الأبناء بما يتوقع منهم من سلوك ، كأن تقول الأم للأبناء: "في نهاية النزهة سنقدم الشكر لبابا"؛ بدلا من ذكر ذلك على سبيل اللوم للأبناء بعد النزهة : "أنتم دائما هكذا لا تشكرون على معروف".

  • إيجاد مواقف للتطبيق: بحيث يتم تشجيع الأبناء ومكافأتهم على المبادرة إلى بر الوالدين، مثل الإسراع لاستقبال الوالد أو الجد عند قدومه وتقبيل يده ورأسه، أن لا يبادر الأبناء بتناول الطعام قبل جلوس الوالد.

  • الاحترام المتبادل بين الزوجين يعين الأبناء على احترام الآباء وطاعتهما، ولا بد من تجنب تصعيد الخلافات بين الزوجين في وجود الأبناء.

  • الحرص على إشعار الأبناء بالحب والاحترام ، والتعبير عن ذلك بالثناء والتقبيل والاحتضان.

  • أن يذكر المربين باستمرار فضل آبائهم ويثنون عليهم وعلى جهدهم في الرعاية باستمرار في حضرة الأبناء، و إن كانا ميتين فبالترحم عليهما.

وينبغي أن لا نغفل عن دور الدعاء للأبناء في تقويم سلوكهم فما نبذله من جهد سيظل مفتقرا إلى توفيق الله تعالى وهدايته .

ويجدر بنا أن نتعامل مع البر بمعناه العام ، قال صلى الله عليه وسلم :" البر حسن الخلق" ، والصورة العملية لحسن الخلق هي حسن التعامل، وحسن التعامل له صور وتطبيقات كثيرة ولكن هناك أساسيات تعاملية تعد حجر الأساس في تنشئة الأبناء وتهيئتهم للبر، ولعل أهمها:

  • بسط الوجه: لابد من الانتباه إلى تعبيرات الوجه التي يكتسبها الأبناء ويعتادون عليها وتصبح سحنة غالبة عليهم ، فالبشاشة وطلاقة الوجه أعظم رسول إلى التفاعل الإيجابي مع الآخرين، على العكس من التجهم والعبوس الذي قد يكتسبه الأبناء في بعض مراحل حياتهم ويستمر معهم إذا لم يكن هناك من يحرص على توجيههم إلى التبسم وطلاقة الوجه، ويهيئ لهم من حسن التعامل ما يبهج نفوسهم فينعكس بشرا وسرورا على محياهم.

  • كظم الغيظ وضبط النفس: إذا نشأ الأبناء على ضبط السلوك في حال الانفعال والتفريق بين حقهم في الغضب وبين التصرف وفق ما يمليه الغضب من عدوان بالألفاظ أو غيره من أشكال التعبير التي تتضمن التعدي على الآخرين أو إيذائهم ، وبين حقهم في الحزن وبين ان يرفضوا الكلام مع الآخرين ويقلبون حياتهم غما ونكدا، فنكون قد هيأناهم وأوجدنا قاعدة البر وحسن التعامل.

  • الاحترام وطيب الكلام: حين يكون في البيوت قانون يمنع السب والشتم ، ويحاسب على التنابز والسخرية ، ويكافيء على الكلمة الطيبة ، ويدرب على الاحترام وتوقير الكبير عندها تصبح البيئة خصبة لنمو البر.

  • الإحساس بالآخرين والتعاون معهم: فإذا حرصنا على غرس روح التعاطف وتلمس مشاعر الآخرين وتقديرها والتدريب على التعاون في التعاملات بين أفراد الأسرة ، فسيكون من السهل على الأبناء أن يمارسوا سلوك البر بما يتضمنه من تعاطف ومساعدة وإحسان .

ومن هنا فيمكن القول أن التربية على البر عملية متكاملة تتناول البر بمعناه العام من الأعمال التي تتضمن حسن التعامل فالبر بالوالدين ، وبر الإنسان بمجتمعه وبلده ، وبره بأمته . كلها مرتبطة وكلها تنطلق من المعاملة ولذا كان الدين المعاملة.


د. سحر بنت عبد اللطيف كردي

مستشارة الأسرة والطفل  



 تحمل المرفقات
نشر :

إضافة تعليق جديد

 تم إضافة التعليق بنجاح   تحديث
خطأ: برجاء إعادة المحاولة